وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا





وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132)


  معنى الوكيل هو معنى من المعاني التي يلزمنا معرفتها بالتفصيل، فالوكيل اسم من أسماء الله عز وجل وهو القيّم الكفيل بأرزاق العباد، القائم بأمور عباده يدبرها ويسخر لهم ما يحتاجون، وهو وكيل علينا وليس وكيلا لنا، وهذا المعنى الدقيق يحتاج إلى فهم؛ فإن الوكيل لنا هو الذي ينفذ ما نريد، والوكيل علينا نقربه بمفهوم الوصي،


فالمقصود الله وكيل علينا، يتولى شأننا، وهو وكيل على الناس عامة ووكيل على المؤمنين خاصة فهو وليهم يخرجهم من الظلمات إلى النور، وهو معهم يدفع عنهم الشرور، وهذا الاسم العظيم نحتاج جداً التفكير فيه، لأن الحياة خلقت ومن سنتها أن تكون مليئة بالمخاوف والمتاعب، والإنسان خلق ضعيفا، يصعب عليه أن يواجه كل مصاعب الحياة وحده،

 
دون اللجوء إلى الله

 

فهناك الخوف على الرزق وهناك الخوف من المرض وهناك الخوف على الأولاد وهناك الخوف على الأموال بمعنى الخوف من الفقر، الخوف من الحرب
 ، الخوف من تفاصيل كثيرة ليل ونهار نحن نخاف، فما لنا في هذه المخاوف كلها إلا أن نتكل على الله ونستعين به ونركن إليه، وهذا من عجائب الأقدار والشرع واجتماعهما، فمن حكمة الله عز وجل أنه لم يخلق الإنسان مطمئن وليس عنده مخاوف، إذا خلقه مطمئن وليس عنده مخاوف لن تحصل العبادة، لن يحصل اللجوء والثقة بالله ..، لن يشعر الإنسان بالافتقار الذي هو أصل عبوديته
  لن يكون حريصا على رضا الله، لن يتوكل على الله


فلما جعل الله الدنيا دار ابتلاء واختبار ودار ممر لا دار مقر، وليس فيها غنى مطلق ولا صحة دائمة ولا فيها شأن من شؤون السعادة متواصل فأصبح ليس لنا لجوء إلا الله ( إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) فمن أتخذ الله وكيل واعتمد عليه ورضي به عاش الدنيا كما ينبغي فيتحقق له الهدوء الطمأنينة، لكن الإنسان الجاهل تجده يخاف من أقدار الله، تجده يخاف مما ينتظره غدا، تجده ليل ونهار يسيء الظن بالله،


وهذا أحمق، كيف يخاف من الله ومنه كل الأمان!، لكن السبب واضح الجهل بالله، ...تصرفكأن  الله عدوه بدلاً من أن يكون الله هو حبيبه وملجأه ومعاذه وملاذه والسبب معلوم وهو الجهل، والصحابة لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الأهوال العظيمة - انظروا لسمو أحوالهم - أخبرهم عن الأهوال العظيمة التي ستكون يوم البعث وكيف سيكون الحال لما يبعث الخلق يوم القيامة شعروا بالخوف وشعروا أنهم يحتاجون إلى ركن شديد قالوا ماذا نفعل يا رسول الله


فأرشدهم إلى التوكل على الله، إلى أن يجعلون الله وكيلهم، إلى حسبي الله، فإنها تنفع العبد، يوكل الله على شأنه حتى في هذه الأمور، حتى خوفنا من لحظة قبض الروح، هل تقبض الروح ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب فنجعل الله وكيلنا ونرجوه ونسأله، حتى في العبادات نحمل هم الطاعات ونخاف أن لا نفعل أو أن لا نقبل فيقال لنا فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل،

 
يقول الشيخ: ثم كرر إحاطة ملكه لما في السماوات وما في الأرض، وأنه على كل شيء وكيل، أي: عالم قائم بتدبير الأشياء على وجه الحكمة، فإن ذلك من تمام الوكالة، فإن الوكالة تستلزم العلم بما هو وكيل عليه، والقوة والقدرة على تنفيذه وتدبيره، وكون ذلك التدبير على وجه الحكمة والمصلحة، فما نقص من ذلك فهو لنقص بالوكيل، والله تعالى منزه عن كل نقص.


العلم من تمام الوكالة، والحكمة من تمام الوكالة


إذن كفى بالله وكيلا يكفيك الله كل شأنك لأن من صفاته العلم، من صفاته القوة، من صفاته القدرة، من صفاته التدبير، الوكالة لا تنقص إلا لما ينقص شيء من هذه الصفات وهو سبحانه وتعالى منزه عن أن ينقص شيء من آثار كماله


ومن آثار صفاته في الوكالة أنه قد يدعوه الإنسان بدعاء فلا يستجيب له لعلمه أنه لا ينفعك فلا يستجيب له في دعاءه



 الأستاذة أناهيد السميري حفظها الله
لقاء التفسير 4 رمضان 1436

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أين تأتي

تَكَبَّرَ فأَهَانَهُ الله!

الصحة النفسية مطلب شرعي-3