اصبروا وصابروا




وخصوصاً في هذا الشهر العظيم لابد أن نوصي بعضنا بهذه الوصية، فنحن نجد أنفسنا أمام فرص عظيمة للطاعات ونجد الفرصة تزيد لما حصل من .شأن عظيم بإغلاق أبواب النار وفتح أبواب الجنة وفي تصفيد الشياطين، لكن يبقى دائماً مشكّل علينا أنفسنا فنجدها قد تكسلت عن الطاعة، ونجد أننا نقول لأنفسنا نأخذ غفوة ثم هذه التسليمة أو هذه الآيات أو هذه الصفحة أو هذه التسبيحة أو هذا الذكر، فنقول نصبر نصبر ما أستطعنا ونعتبر نفسنا في جهاد،


إما ننتفع وإما يقتلنا الكسل، إما نقتله وإما يقتلنا، والمؤمنين المتيقنين أن هذا كله في الميزان تسبيحتهم وتكبيرتهم وقرائتهم للقرآن وذكرهم لله وتدارسهم للقرآن كله في الميزان وسنجده أمام أعيننا، هؤلاء المتيقنين يستعملون الدواء ويحبسون أنفسهم عن الإستسلام، فالصبر حبس النفس عن شهواتها ومنعها من أن تأخذ ما تريد وقت ما تريد، لأن وراء ترك النفس أن تفعل ما تريد فكر مشغول ونفس متلهفة على الدنيا،

فلابد أن نصبر على ديننا، ونأتي للمصابرة ونجدها مفاعلة، يمكن أن يكون معناها: فليصبر بعضكم بعض، ويمكن أن يكون معناها: تصبّروا على أعدائكم، أو يكون معناها: زيدوا في الصبر، إدامة مخالفة النفس، فالنفس تدعو وأنت تتصبر عليها، فهي تدعو وأنت تنزع وتبعد،

 
فنصبر على ديننا ونصابر عدونا ونرابط في الثغور، والمرابطة: بمعنى أن يكون الإنسان على ثغرة


قال الشيخ: والمصابرة أي الملازمة والاستمرار على ذلك، على الدوام، ومقاومة الأعداء في جميع الأحوال. والمرابطة: وهي لزوم المحل الذي يخاف من وصول العدو منه، وأن يراقبوا أعداءهم، ويمنعوهم من الوصول إلى مقاصدهم،


وهكذا فهمنا أن الرباط يمكن أن يكون في الثغور في الحدود وممكن أن يكون على النفس، فنرابط نحمل نفسنا على النية الحسنة ونحمل جسمنا على فعل الطاعة، ومن أعظمها رباط الخيل في سبيل الله ورباط النفس على الصلوات، في الحديث: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء عىل المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ..فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فمعناه انتظار الصلاة بعد الصلاة هذا نوع من الرباط،


وربما الذي يناسبنا الآن خصوصاً في رمضان لأن العبد المشغول بالصلاة الحابس نفسه عليها، الراغب في إستكمالها، ..يرجى أن يكون من المرابطين لأن نفسه تدخل عليه من هذا الباب، وإذا صبرتم وصابرتم ورابطتم يرجى أن تفلحوا ( لعلكم تفلحون)

 
قال:  لعلهم يفلحون: يفوزون بالمحبوب الديني والدنيوي والأخروي، وينجون من المكروه كذلك. فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات، فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها. والله الموفق ولا حول ولا قوة إلا به. .


يعني يحصل لكم الفلاح في الدنيا فتكونوا ممن صلحت نفوسهم، (كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) وأيضاً في الآخرة تنجو من المكروه


قال: فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات، لا سبيل لا نصل إلى الفلاح إلا بالصبر،

قال: فلم يفلح من أفلح إلا بها، ولم يفت أحدا الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها.
~

الأستاذة أناهيد السميري
السبت 3 رمضان 1436 
لقاءات التفسير في رمضان من تفسير السعدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أين تأتي

تَكَبَّرَ فأَهَانَهُ الله!

الصحة النفسية مطلب شرعي-3