إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا

إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا
 
قال تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس: قال الشيخ السعدي: أي: هو الغني الحميد الذي له القدرة الكاملة والمشيئة النافذة فيكم {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} غيركم هم أطوع لله منكم وخير منكم، وفي هذا تهديد للناس على إقامتهم على كفرهم وإعراضهم عن ربهم، فإن الله لا يعبأ بهم شيئا إن لم يطيعوه، ولكنه يمهل ويملي ولا يهمل.


وهذه مثلها لقوله تعالى في سورة محمد: وإن تتولوا يأتي بقوم غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم، وهذا يكون 
إما بالإذهاب التام بحيث يموت الناس 
وإما بإذهاب الولاية والرياسة، 
فتكون قد كلفت بعمل ابتلاك الله به وأصبحت مسؤول عنه في مصالح المسلمين في دينهم أو دنياهم ثم تتولى،


تتولى أو تعرض والمعنى هنا واحد بأن لا تقوم بالمهمة كما أمرك الله، ولا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا ملاحظاً، إنما تجعلها فرصة لإظهار أمراض النفس من التسلط ..ومن إستغلال النفوذ، وكل هذا الذي نراه ونسمعه من الناس لما يصبح لهم رئاسة،


فيقال لهم: إن يشأ يذهبكم، وهناك إن تتولوا يستبدل قوم غيركم ، ويكونوا هؤلاء غيركم خير منكم، ولذلك لما نحرم من خير كنا نعمله للمسلمين لابد أن نراجع نفسنا ونرى أين الخطأ الذي ارتكبناه وهل هو حرمان أم أن الله عز وجل ينقلنا من خير إلى خير منه، لابد أن نراجع تصرفاتنا خصوصاً لما يكون لنا سلطان، خصوصاً لما يتيسر لنا خدمة، خصوصا لما يأتي أوقات للطاعات


هل نحن عابدين حقا، هل نغتنم شهر رمضان كما ينبغي ونفرح به ونخشى من تفلته وذهابه، ونراجع نفسنا في يومنا وليلتنا ماذا فعلنا، وأين ذكرنا لله وأين تقوانا،


فلما تحصل هذه المراجعات من قلبٍ خائف ذليل يريد من الله القبول، يخاف من الله أن يستبدله، يخاف أن يكون ممن يذهبهم الله، هذا يرجى أن يكون من أهل طاعة الله، فلا يستبدل بمن هو أطوع منه، لكن لما الإنسان تمر عليه الفرص تلو الفرصة، يأتيه رمضان يأتيه الطاعات يأتيه الذكر يأتيه يوم الجمعة، وتأتيه الفرصة يقول التالية اغتنم التي بعدها، يخشى أن لا يكون له قلب للتي بعدها ويذهبه الله،


وهنا ليس شرط الإذهاب إذهاب الأبدان إنما يكفي إذهاب الإيمان، يكفي إذهاب القلوب، يكفي أن تفقد الفرص، وهذا الأمر لو لاحظتوه في الحياة وتفاصيلها سيكون واضح جداً، فكم من المرات تكاسلنا عن نافلة في وقتها ويأتي غدا فنتكاسل مرة أخرى وبعد غد أيضا نتكاسل ثم بعدها قد تبقى وقتاً طويلاً محروما منها لا يتيسر لك القيام بها،

ولا يتيسر لك أن تنتفع منها أو من مثلها، وهذا إن لم يلاحظ في تفاصيل الحياة يستبدل العبد وهو لا يدري،

 وهذا الغرر كثيراً ما يحصل للشباب أنهم لما يتمكنوا من طاعة أو من حفظ أو من خدمة المسلمين حتى وظيفة للدنيا ..لما يتمكنوا يظنوا أنهم سيبقوا متمكنين وأنه لن ينزع من يدهم وأن لهم السلطة الكاملة ولا يعلمون أن الله عز وجل يذهبهم ويأتي بأخرين


وكان الله على ذلك قديرا، له القدرة التامة على ذلك ولابد لهم من الخوف لأن هذا بمثابة التهديد

 
قال: وفي هذا تهديد للناس على إقامتهم على كفرهم وإعراضهم عن ربهم، فإن الله لا يعبأ بهم شيئا إن لم يطيعوه، ولكنه يمهل ويملي ولا يهمل.


وهذا معناه أن ما نراه من تقلب أهل الكفر وتقلب أهل المعاصي في دنياهم ليس إلا إمهال وهو لا يهمل سبحانه وتعالى وسيستبدلهم، فمن رأى نفسه أن له السلطة في المال سيستبدله الله بعد حين، ..إن لم يكن على التقوى والإيمان


نسأل الله أن يجعلنا من أهل التقوى والإيمان وأن لا يستبدلنا وأن يستعملنا في طاعته وأن لا يجعلنا ممن تمر عليه مواسم الطاعة فيهمهلها ويسوف ..ثم يجد نفسه قد حرم من الفرص نعوذ بالله من الخذلان.

 الأستاذة أناهيد السميري حفظها الله
لقاء التفسير 4 رمضان 1436


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أين تأتي

تَكَبَّرَ فأَهَانَهُ الله!

الصحة النفسية مطلب شرعي-3