وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ



وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ  (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) الشعراء


قال الشيخ السعدي : أعظم مساعد للعبد على القيام بما أمر به، الاعتماد على ربه، والاستعانة بمولاه على توفيقه للقيام بالمأمور، فلذلك أمر الله تعالى بالتوكل عليه فقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} والتوكل هو اعتماد القلب على الله تعالى، في جلب المنافع، ودفع المضار، مع ثقته به، وحسن ظنه بحصول مطلوبه، فإنه عزيز رحيم، بعزته يقدر على إيصال الخير، ودفع الشر عن عبده، وبرحمته به، يفعل ذلك.
.>>
ومعناه أن القلب يكون له قبلة أثناء قضاءه لشؤونه، قبلة يتجه إليها وباب يقف عنده ومعتمد يعتمد عليه وركن شديد يأوي إليه، ويكون عنده مشاعر أنه في غاية الطمأنينة، فهذا المعتمد على الله في جلب المنافع ودفع المضار يفعل ذلك مع ثقته به وحسن ظنه بحصول مطلوبه، يحسن الظن بالله أن مطلوبه يتحقق له
فتوكل على الله فإنه عزيز رحيم، وهذان الاسمان مناسبان جداً للتوكل على الله خصوصاً في الشؤون التي يقضي فيها أمر للمسلمين وينفع العبد وينفع مجتمعه، فالله عزيز  بعزته يقدر على إيصال الخير، ودفع الشر عن عبده، وبرحمته به، يفعل ذلك.

 الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ

كأنه رابط بين التوكل والصلاة، ما الرابط بين التوكل والصلاة؟! إذا استحضر الإنسان قرب ربه في الصلاة وقع الخشوع وقع الذل يخرج من الصلاة ومع إيمان ويقين وثقة فإنه كان يكلم ربه في الصلاة وكان يناجيه وكان يعلم أنه قبله ويعلم أنه يجيبه، فالعبد يقول الحمدلله رب العالمين والرب يقول حمدني عبدي، ويعلم أنه يسجد فيكون أقرب ما يكون لربه فيخرج من الصلاة وقلبه قد امتلأ يقيناً بربه فيسهل بذلك التوكل

ولذلك من سأل ما مسلك التوكل ومن أين آتي به وأقويه فالجواب في هذه الآيات: توكل على العزيز الرحيم، من العزيز الرحيم؟! الذي يراك حين تقوم ويعلم حالك لما تتقلب في الساجدين

{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} لسائر الأصوات على اختلافها وتشتتها وتنوعها، {الْعَلِيمُ} الذي أحاط بالظواهر والبواطن، والغيب والشهادة. فاستحضار العبد رؤية الله له في جميع أحواله، وسمعه لكل ما ينطق به، وعلمه بما ينطوي عليه قلبه، من الهم، والعزم، والنيات، مما يعينه على منزلة الإحسان.
 

ثم نبهه على الاستعانة باستحضار قرب الله، والنزول في منزل الإحسان فقال: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} أي: يراك في هذه العبادة العظيمة، التي هي الصلاة، وقت قيامك، وتقلبك راكعا وساجدا خصها بالذكر، لفضلها وشرفها، ولأن من استحضر فيها قرب ربه، خشع وذل، وأكملها، وبتكميلها، يكمل سائر عمله، ويستعين بها على جميع أموره.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أين تأتي

تَكَبَّرَ فأَهَانَهُ الله!

الصحة النفسية مطلب شرعي-3