كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ



قال تعالى:
 {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}  78-79 المائدة

قال السعدي:" ومن معاصيهم التي أحلت بهم المثلات، وأوقعت بهم العقوبات أنهم: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} أي: كانوا يفعلون المنكر، ولا ينهى بعضهم بعضا، فيشترك بذلك المباشر(للمنكر)، وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك.
انتهى كلام السعدي

وهنا يأتي السبب الرئيس الذي يوقع المجتمعات في البلاءات، ننتقل من أشخاص إلى مجتمعات، فالله عز وجل يقول لنا أنهم كانوا هؤلاء اليهود الذين لعنهم الله لا يتناهون عن منكر فعلوه، لأنهم كانوا يفعلون المنكر ولا ينهي بعضهم بعضا،

قال: فيشترك بذلك المباشر، وغيره الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك.

يعني مع قدرته على الإنكار، إذن لا يتناهون بمعنى أنهم بعد فعلهم لا ينهي بعضهم بعضا، وقد ورد في الحديث عن عبدالله ابن مسعود عن النبي قال:
إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا ، اتق الله ، ودع ما تصنع ، فإنه لا يحل لك . ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال :{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم } إلى قوله : { فاسقون }
 إذن معنى هذا فعل المنكر مصيبة وعدم التناهي عنه مصيبة أخرى!

والإجماع منعقد عن أن النهي عن المنكر شرط لمن أطاقه وأمن على نفسه الضرر وعلى المسلمين، تنهي عن المنكر إذا امن أن لا يفتك بك قتلا ...، فيهجر هذا المنكر ولا يخالطه، وهنا مسألة مهمة ستتبين في الآية التي سنتدارسها بعد عدة آيات من هذه الآية وهي هل شرط أن الناهي يكون سليماً من المعاصي؟! الجواب لأ، بل ينهي العصاة بعضهم بعض،

لأن على كل امرىء وظيفتين : الوظيفة الأولى أن يفعل المعروف وينتهي عن المنكر، الوظيفة الثانية: أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإن قصر في وظيفة لا يحق له التقصير في الثانية،

ولنتصور هذا المثل جيداً× لو أن طبيبا ابتلي بالتدخين وأتى مريض وفحصه فتبين له أن التدخين سبب لمرض هذا المريض فهل يصح له أن ..بل يجب عليه أن يأمره مع تقصيره هو في ذلك، هل هذا معناه أننا نأمر بالبر وننسى أنفسنا؟! نقول هذا أمر اخر، فإن الآمر بالبر الشاعر أن البر على غيره وليس عليه وأن غيره يجب عليه أن يلتزم وهو خارج الإلتزام هذا شأن غير شأن شخص يأمر بالمعروف ويتمنى أن يكون من أهله وينهي عن المنكر ويطلب من الله أن يعافيه،

يعني لا ينسى نفسه وإن كان يتمنى أن لا يفعل ..، ولذلك كنتم ومازلتم خير الأمة إذا عرفتم ما يجب عليكم

..وأتى الذم لهم من أجل أن يحذر الناس أن يرتكبوا مثلما كانوا يرتكبوا قال الله تعالى: لبئسما كانوا يفعلون، لما حكينا أن الرجل من بني إسرائيل نهى أخاه عن الذم تحذيرا ثم لا يمنعه أن يكون أكيله وشريبه وخليطه فأين الخطر؟! لماذا من الطبيعي أن يروه أمس على منكر فينصحوهم واليوم يآكلوهم ويشبربونهم؟! الجواب في كلام الشيخ: قال:

وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله، وأن معصيته خفيفة عليهم، فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر -مع القدرة- موجبا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة:


إذن من عبادة الله أن نكره ما يكره الله، نغضب لما يغضب الله، فلو كانوا يعظمون الله وتعظيم الله هو أس الدين وأساسه أن يبقى القلب معظماً لله ويرى حق الله عليه في كل شيء، يرى تقصيره في حقق الله، لا يقبل ويستهين ويتهاون بالمعصية! وإن كان يرتكبها فهو يرى نفسه قد أجرم في حق الله فيكره أن تنتشر في المجتمع ويخاف وينهى الناس ويستغفر ربه ويتوب،

قال:  فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه، ولغضبوا لغضبه، وإنما كان السكوت عن المنكر -مع القدرة- موجبا للعقوبة، لما فيه من المفاسد العظيمة:

السكوت عن المنكر مع القدرة على إنكاره موجب للعقوبة لما فيه من مفاسد عظيمة

قال: منها: أن مجرد السكوت، فعل معصية، وإن لم يباشرها الساكت. فإنه -كما يجب اجتناب المعصية- فإنه يجب الإنكار على من فعل المعصية.


وهذا أمر واضح يجب عليك ترك المعصية ويجب عليك إنكارها مادام أنك تستطيع إنكارها.

أستاذة أناهيد السميري حفظها الله 
الإثنين 5 رمضان 1436
دروس التفسير في رمضان

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

من أين تأتي

تَكَبَّرَ فأَهَانَهُ الله!

الصحة النفسية مطلب شرعي-3